عينيها بقلم:جهاد الجزائري



عينيها بقلم:جهاد الجزائري 6524310587





عينيها ....

سقطت سماعة الهاتف من بين يديه وبدا الصوت بعيدا جدا وهو يتلاشي شيئا فشيئا ... لم يعد يقوى على سماع شيء وكأنه لم يسمع شيء لم يكن ليصدق أبدا ما سمعه أبدا أبدا .... لم يعد يدري كم مضى من وقت وهو قابع متجمد في مكانه أهي دقائق مضت أو ساعات أو أكثر ... لايدري ...

كانت السماء وكأنها تبكي الغياب غيابها تبكي سنين غربته الممتدة امتداد عمره وخطاه فيها وكان المطر أشبه ما يكون بأيام الطفولة ببراءتها مرحها الذي لا ينتهي الذي يشبه ألوان قوس قزح كان وحيدا وكأنه يودع روحه إلى عوالم أخرى ضبابية الملامح يودعها إلى مالا نهاية .

بدا المكان موحشا شبه خال بعد أن غادره المشيعون مسرعين تفرقت السبل إلا من سبيله إليها لم يبق سواه وقدماه لا تزالان مغروستان في التراب وكأنه عاد لرحم الأرض وكأنه زرع فيه للأبد خيل إليه لوهلة فجأة أنه نبت منه صار له جذع وأوراق خضراء جميلة وجناحان يشبهان أجنحة العصافير وأحلام الأطفال الشفافة تماما مثل الفراشات مثلما تنبت الأزهار و الأشجار مثلما تحلق الأحزان عاليا في العدم مثلما ينبت الشجن فارعا طويلا طويلا بدون مواسم بأيام لا تعرف لون الربيع ولا الحياة لا تعرف العودة أبدا .

كان كل حزن الدنيا في عينيه في عينيها كانت يداه تضطربان تبكيان تستسلمان إليها وهو يهيل التراب على جسدها النحيل يهيل رماد الحرقة على الأيام أيامه أيامها كل شيء كان قد انتهى بالنسبة إليه بالنسبة إليها انتهى بعدها وماذا يفعل بعدها ...وماذا بقي في العمر ليعيشه وماذا بقي في العمر من بعدها….

كل شيء كان مظلما حوله إلا من نورها… صورتها ... ضحكتها... ضوء عينيها...حكاياهما الطفولية الساذجة عن عينيها وهما تودعانه ولم يرها كل شيء كان كالسراب كالحقيقة كئيب بعيد قريب وبدا الحزن وكأنه يتسلق يديه جسده روحه هامته شامخا عاليا بدون رحمة ولا سكينة يلامس شظايا القلب قلبه المترع بعينيها النازف عشقا النازف دما بين يديها .

لم يبق سوى عيناه وعينيها تائهتان في التراب عينيه وفي عينيها لم يرها لم يرى عينيها وودعته مثقلا هو كان بالوله بالذكرى بملح الآه وبجرح عينيها كم تمنى رؤية عينيها وهما تبتسمان تفرحان وهو يرى صورته ترقص سرورا في عينيها على سر خديها...بين شفتيها… عينيها وهما تودعانه لكنهما ودعتاه دون أن يراها ....

وأغلقت عينيها ...

رحلت ....هي..

وبقي وحيدا بعدها.. وحيدا للأبد... دونها دون الربيع ...دون الفرح ... ودون الحياة ... دون عمره…ودون عينيها..

عينيها...

رحلت...