دوائر.. وغيوم Get-3-2008-do7a_com_bfkfl1il


بمرح بواكير الأنوثة وشقاوتها البريئة .. راودتها أحلامها الصغيرة بمصادفة فتى الأحلام .. تستيقظ قبل الشمس .. تهرع إلي شباك حجرتها المُطل علي شاطئ البحر .. تري بعين الحلم ذلك الفتى الذي رسمه عقلها وارتسم بين أحلامها وأمانيها .. رأته وهو يمشي علي الرمال بين الغيمة ورذاذ البحر ونسمات الفجر العليلة.. جالس علي صخرة أمام شرفتها حتى ملأت الشمس السماء بأشعتها الذهبية .. وذهب واختفي عن عينيها .. وكأنه أخذ الحياة معه .. توالت الأيام وهو يفعل ما يفعل من شرود علي هذه الصخرة التى يلتصق بها وكأنه قطعة منها .. وهي تراقبه وتشعر بروحها ترتبط به يوما بعد يوم ولا تعرف تفسيراً لما يحدث لها كلما رأته وتأملته ..

قادم هو بكل ما يحمله من هيبة .. وبريق عينيه ينير له الطريق إليها.. أرادت أن تقفز من شرفتها .. صرخات مكتومة تريد أن تنطلق من حنجرتها .. تناديه: .. يا أنت .. قف مكانك .. أخرج من بين لوحات الأحلام وتحول إلي حقيقة!!





وفي كل يوم يمر الفتى دون أن يصيبه سهام روحها التي تناديه .. أصيبت بالحسرة ..ولكنها لم تفقد الأمل.. فلربما يأتي اليوم الذي يبادلها المشاعر ..

ومع بشارة الصبح الأولي هَلّ فتاها .. فنبضت مشاعرها.. وكان لابد من جذب انتباهه .. تفتق ذهنها إلي طريقة الجدات في لفت الانتباه.. فأخذت منديلها الحريري الأحمر لتنشره علي الحبل.. وتركته ليطير إليه في خفة.. ليكون رسولها الصارخ بالوجد..

وكأن المنديل يريد أن يساهم في رسم القدر.. فلفح وجهه كنسمة معطرة لتنتشي أوصاله بذلك العطر الأنثوي الخلاب .. نظر خلفه ممسكا بالمنديل الحريري.. فرآها كأجمل حورية تنظر إليه في حنان لم يعهده.. تسمر عند شرفتها وعيناه لا تستطيع أن تتحول عنها!!

وكأن الرغبة بَثَتْ في عينيها شعاعا نفذ إلى روحه الهائمة .. يتردد همس روحها الصامت ما بين حلقها وحلقه .. تريد أن تنطق ببعض الحروف التى تراكمت وتزاحمت فاستحال مرورها .. نزلت في رشاقة لتأخذ منديلها منه .. طال وقوفهما لا يدري كل منهما كم مر من الوقت وهما علي هذه الحالة .. وكأنهما يبصمان علي صك الحب الأبدي .. أعطاها هاتفه ليكون أول خيوط الحب.. عاشا معا شهورا من الأحلام الممزوجة بشهد الحب الرائق.. من خلال حديثهما الهاتفي والمقابلات الشاطئية العليلة .. شهد البحر علي حبهما .. حلمت بيوم الزفاف .. ومناها بأيام أكثر سعادة.. واستيقظت قبل الشمس كعادتها .. نظرت من شرفتها .. لم تجده .. انتظرت .. انتظرت كثيرا .. هاتفته .. جاء صوته من بعيد يخبرها بأنه سافر إلي أهله .. عاد إليهم .. توسلت إليه ألا يتأخر كثيرا .. فهو لها الحياة .. أغلق الهاتف وهو يتمتم ..ولم تفهم لأول مرة تمتماته!!

انتظرت مهاتفتها .. ولكنه أبدا لم يفعل.. هاتفته هي .. فأخبرها بلسان بارد أن والدته خطبت له عروساً من بلده!! وأن الظنون كادت تقتله كلما شعر بسهولة لقائهما وبساطتها معه.. هو لا يستطيع أن يتزوج من تساهلت معه!!

أغلقت الهاتف وهي في ذهول.. ذهبت إلي الشاطئ جلست علي صخرته .. توحدت معها .. سألت البحر عنه .. حدثته أنها لم تعرف غيره ولم تكن أبدا لتتساهل مع غيره.. فهو الرجل الذي رسمته ليتواءم مع كيانها لتكون له وحده .. فكيف يظن بها هذا الظن؟؟؟

عقدت العزم علي حضور زفافه لتري من تلك التى ستقتنى حلمها!!

رأته من بعيد وهو يتصنع الابتسامه ووجهه يشبه صخرته التى هجرها.. عادت لتغلق الصفحة الأخيرة علي آلمها لتعيش دون أحلامها .. تزوجت بأول طارق لبابها .. مرت السنوات ثقال .. وإذا بمفاجأة أمامها .. هو يقف أمامها مأخوذأ برؤياها وزوجته تقف أمام زوجها مأخوذة برؤياه.. كانت لحظات كأنها الدهر .. ولكنها تعجبت لأمر زوجها الذي اضطربت أوصاله .. فسألته: من هذه؟؟ وهل تعرفها؟؟ فابتسم ابتسامة خفيفة وقال لها : هي الماضي فلا تشغلي بالك بها.. فابتسمت هي الأخري وقالت نعم .. لن نشغل بالنا بأحد.